“رسالة للإنسانية”.. تحذير من أكادير من مخاطر الأزبال وتلويث البيئة

ميمون أم العيد

على الخشبة دخان وكرة أرضية مشوهة، موسيقى مضطربة تبعث على الخوف، ظلام دامس ورقعة ضوء على جثة امرأة، تبين فيما بعد أنها ما يزال قلبها ينبض بالحياة. الطفلة المستلقية على أرض الخشبة تئن ملطخة الوجه وبملابس سوداء.

في الواجهة الخلفية صور ومقاطع لكوارث طبيعية تسبب فيها الإنسان، تلتحق طفلة ثانية بالخشبة وبدأ حوار ثنائي بين سيدتين حول من تسبب لآخر في المأساة.

الطفلة الملطخة بالسواد ليست سوى هذه الطبيعة والبيئة التي نعيش فيها. والطفلة التي تخاطبها هي الإنسان الذي دمر كل شيء، ولوث المياه والأجواء، ومع ذلك يصر على أن يتنصل من مسؤوليته بحسب نص الحوار.

يلتحق أطفال آخرون بالخشبة يحملون لافتات يحذرون فيها الكبار من أفعالهم التي تقوض التوازن البيئي في هذه البسيطة التي لم تعد تستحمل الكثير من الأفعال غير المسؤولة، لتتوالى مشاهد مسرحية تحمل دلالات عميقة، تخاطب ما تبقى من ضمائر، لعل الإنسان ينتبه إلى سلوكاته اليومية التي تدمره وتدمر الآخرين.

عنوان المسرحية “رسالة للإنسانية”، والممثلون أطفال صغار، من مدرسة فونتي بأكادير. أكبرهم لم يتجاوز 15 سنة، يجوبون الخشبة بكل جرأة وحماس، وهم يوجهون رسائل مباشرة لآبائهم، ومن خلالهم إلى كل الكبار الذين لا يهتمون بهذه البيئة ومخاطر تلوثها.

يضع طفل من الممثلين مجموعة من النفايات في حاويات للقمامة وضعت فوق الخشبة، وهو يخاطب المتفرجين بشكل مباشر: “خوذوا العبرة، تعلموا أن تضعوا الأزبال في مكانها المخصص”.

هي رسائل للكبار يرسلها أطفال صغار، يحلمون بالعيش في بيئة نقية ونظيفة، وهم يمرون كل يوم قرب أكوام الأزبال والنفايات في الشواطىء والشوارع وفي كل مكان. لذلك يصرخون فوق الخشبة لعل رسائلهم الكبيرة تصل إلى آذان الجميع، ليس فقط الذين يملكون القرار في هذا البلد، بل إلى المواطنين البسطاء الذين لا يكلفون أنفسهم وضع القمامة في الأمكنة المخصصة لها، ويتخلصون من فضلاتهم في أي مكان.

“عنوان المسرحية يلخص موضوعها، وهي رسالة لكل إنسان أن يهتم بالبيئة بمختلف تكويناتها”، تقول زينب بصير في تصريح لهسبريس، وهي من المشرفين على هذه المسرحية التي تم عرضها ليلة الإثنين في قاعة ابراهيم الراضي ببلدية أكادير. ثم تزيد “عن طريق المسرح يمكن تمرير رسائل مهمة للكبار، لعلهم يتقبلونها من أفواه هؤلاء الأطفال، بأن البيئة تعاني والتوازن في طريقه للإختلال إذا لم يقم كل منا بما يستطيع فعله”.

من جهته قال عبد الرحيم أهشوم، مسرحي من أكادير، ومشرف على فرقة “فونتي” المسرحية التي امتعت الحاضرين في قاعة ابراهيم الراضي أن “قضايا البيئة والنظافة والاهتمام بالمحيط، هي النقط التي يجب أن يهتم بها الأطفال، كي يكبروا وهم واعون بأهمية المحافظة على الماء والهواء والغابة وغير ذلك من مكونات البيئة”.

تنتهي المسرحية بعد عروض بالإنجليزية والفرنسية لأطفال صغار، في نشاط مسرحي نُظّم ببلدية أكادير، ينتشي الأطفال الصغار بتصفيقات الكبار من الآباء والأمهات وغيرهم ممن قادتهم صدفة ما ليشاهدوا هذا العرض، يتفرق الجمع والممثلون الصغار يتمنون أن يكونوا قد بلغوا “الرسالة”.

اضف تعليق