بمقتضى مرسوم 30 يونيو 1992 تم إحداث 668 جماعة جديدة على الصعيد الوطني، حيث بلغ العدد الإجمالي للجماعات الى 1544 جماعة حضرية وقروية، وارتفع عدد الجماعات القروية من 760 الى 1297 جماعة. وقد ارتكز التقسيم الجماعي على دوافع موضوعية كما يلي:
- إدارية: تجسيد سياسة القرب على الواقع عبر تقريب الخدمات الإدارية للمواطنين
- جغرافية: التنوع الكبير في التضاريس والمناخ، وتباين عدد الساكنة بحسب المعطيات الجغرافية للمنطقة، يفرز تنوعا كبيرا واختلافا على مستوى نوعية المشاكل المطروحة..
- ديموغرافية: ضمان تناسب الاطار الجغرافي للوحدات الترابية مع المعطيات الديموغرافية..
وحسب بعض الباحثين، فإن التقسيم الإداري لسنة 1992 بادرة حسنة لكنها غير كافية، لأنها لم تأخذ برأي السكان بصفة عامة. وعلى أية حال فإن المبادرة أظهرت حسن نية السلطة المركزية في عدم الانفراد بالتقسيم الجماعي وإشراك المستشارين الجماعيين هو دليل على احترام الرأي الآخر، واحترام ممثلي السكان في هذه العملية رغم هيمنة رجال السلطة وترأسهم لعمليات التقسيم. فيما اعتبر البعض التقسيم الإداري المذكور مجرد وسيلة كان هدفها حصول الأحزاب الإدارية على أغلبية المقاعد في الغرفة الثانية بواسطة أعضاء الجماعات المفبركة، وهي جماعات يقل عدد سكانها عن ثلاثة آلاف نسمة..
ومن غرائب التقسيم الإداري لسنة 1992 على صعيد إقليم تيزنيت هو إحداث عدد كبير من الجماعات لإرضاء خاطر المنتخبين ولو تعلق الأمر بإحداث عدة جماعات داخل نفس القبيلة (مثلا استحداث جماعتين في تراب قبيلة آيت براييم: بونعمان، سيدي بوعبدلي)، فيما تبقى إغيرملولن الاستثناء الوحيد بين قبائل الإقليم، التي لم تحظى بجماعة قروية وظلت تابعة لجماعة الركادة على الورق، وإن كانت لا تستفيد من هذا الانتماء سوى الفتات والبقايا سياسيا (تمثيلية ضعيفة) وتنمويا(تأخر استفادتها من البرامج التنموية الوطنية).. حرمان القبيلة من جماعة قروية مستقلة، انعكس سلبا على المجهود التنموي بالمنطقة الجبلية وعلى استقرار السكان بها، حيث تراجع تعداد الساكنة ليبلغ 4632 نسمة حسب الإحصاء الرسمي للسكان والسكنى لسنة 2004.

التهميش السياسي:
من النتائج المباشرة لحرمان اغيرملولن من جماعة قروية، تقزيم تمثيلية المنطقة بالمجلس الجماعي بواسطة تقطيع انتخابي مخدوم وغير منصف وهكذا لا تتعدى عدد الدوائر المخصصة لتمثيلها ثلاثة دوائر من أصل 15 دائرة انتخابية بجماعة الركادة، حيث لوحظ توزيع غير عادل للدوائر على تراب الجماعة بين المجال الجبلي والمجال السهلي، ما جعل تمثيلية اغيرملولن بالمجلس الجماعي محدودة للغاية، بل زادت تقهقرا بعد إضافة المقاعد المخصصة للنساء في الدوائر التي يفوق عدد ناخبيها 600 ناخبا.. فرغم أن اغيرملولن تمثل نسبة الثلث في مجموع الدواوير وتعداد الساكنة، لكنها تمثل نسبة الخمس فيما يخص عدد الدوائر الانتخابية وبالتالي فإن عدد المقاعد المخصصة لتمثيل المنطقة في المجلس الجماعي لا يكفي ولا يناسب وزنها الديموغرافي وعدد الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية، في ظل غياب معايير منطقية لتحديد عدد الدوائر الانتخابية من حيث عدد الناخبين، إذ سجل تفاوت كبير بين عدد الناخبين في الدوائر الانتخابية بين المجال الجبلي والمجال السهلي، فإذا كانت أصغر دائرة بمنطقة اغيرملولن لا تقل عن 460 ناخبا، فإننا نجد عدة دوائر انتخابية ب”أزغار” تضم عددا قليلا من الناخبين، رغم أن القانون يفرض تحديد الدوائر الانتخابية في الجماعات وفق مبادئ موضوعية كما يلي:
– مبدأ المساواة الذي يعد مبدأ دستوريا في المغرب حيث تبنته الوثيقة الدستورية منذ سنة 1962 والمقصود بالمساواة، مساواة القوى السياسية أمام التنافس السياسي الذي يتحقق باحترام التوازن الديموغرافي والترابي للدوائر..
– مبدأ التوازن الديموغرافي: المقصود به أن يكون هناك توازن بين عدد السكان وعدد المقاعد المخصصة لتمثيلهم بما يضمن احترام مبدأ المساواة في التمثيل السياسي وبناء عليه يتعين أن تقام الدوائر الانتخابية على أساس معطيات ديموغرافية محينة..
التهميش التنموي:
من تجليات التهميش التنموي المفروض على منطقة إغيرملولن هو استبعادها من كل برامج التنمية التي سطرها المجلس الجماعي للركادة، الذي يبرمج المشاريع التنموية حصرا في الدوائر الانتخابية ب”أزغار”، بحكم أن أعضاء المكتب المسير بالمجلس الجماعي يتحدرون في الغالب من المجال السهلي، من أجل هدف واحد هو ضمان إعادة انتخابهم خلال الانتخابات القادمة.. كما لوحظ تأخر كبير في استفادة سكان اغيرملولن من البرامج التنموية الوطنية، حيث تأخرت استفادة المنطقة من فك العزلة عن سكان العالم القروي من خلال “البرنامج الوطني للطرق القروية”، الذي أطلقته الحكومة في عام 1995، بمساعدة البنك الدولي لتحسين وصول سكان القرى إلى الطرق.. والبرنامج الوطني لتزويد العالم القروي بالماء الشروب PAGER الذي أطلقته الحكومة منذ سنة 1995، ويهدف أساسا إلى تعميم توفير الماء الشروب بالوسط القروي لفائدة الساكنة القروية، ثم «برنامج الكهربة القروية الشاملة» PERG الذي أعطيت انطلاقته منذ يناير 1996، (رغم وجود دواوير لا زالت لم تستفد من هذه الخدمة) والبرنامج الوطني لتعويض البناء المفكك في المدارس، الذي انطلق منذ سنة 2014 وكذلك برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، الذي انطلق تفعيله في سنة 2017 بالإضافة الى برامج التنمية القروية، التي ترتبط أساسًا بالزراعة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية مثل: استراتيجية التنمية القروية لعام 2020، ومشروع MEDA، واستراتيجية المغرب الأخضر، دون أن ننسى عدة برامج اجتماعية مثل: برنامج الأولويات الاجتماعية BAJ و NHRI.
رغم تعدد الملاحظات والنواقص التي سجلها المتتبعون عن التقسيم الإداري لسنة 1992 لم تتفاعل الدولة بشكل إيجابي مع سلبيات التقسيم المذكور، فرغم مراجعة التقسيم الإداري سنة 2003 فإن ذلك لم يأتي بجديد على مستوى الرفع من عدد الجماعات، وبقي عددها بدون أي تغيير رغم وجود مجالات جغرافية تستوفي الشروط الموضوعية للحصول على جماعة قروية مستقلة ومنها إغيرملولن على صعيد إقليم تيزنيت.
إبراهيم اوزيــــد
المرجو من كاتب المقال تحرى الموضوعية فيما يكتب؛ في العنوان الرئيسي ورد: “ايغير ملولن القبيلة الوحيدة التي….” ؛ اغير ملول لم تكن في يوم من الايام قبيلة؛ فهي كانت تابعة لقبيلة تازروالت؛ وبعد ذلك لقبيلة اولاد جرار؛ هذه خطأ معرفي ينبغي التنبيه له؛ اذا كان لكاتب المقال حجة ما يستدل بها على ما أورده في مقاله من ديوان قبايل سوس الحساني او وثايق دار ايليغ ؛ الى العقود والوثايق التي يتعامل بها اهل المنطقة. في غياب ذلك يرجى تصحيح الخطأ في العنوان الرئيسي؛ وفي متن المقال ؛ والسلام
أنظر خريطة قبائل سوس كما وردت في “ديوان قبائل سوس” للحساني…