نشرت مجلة “ليكسبريس” الفرنسية في عددها 3205 لشهر دجنبر الماضي ربورتاجا من أربع صفحات عن سياح المخيمات في اكادير وتيزنيت، وتطرقت المجلة الى كيفية قضاء السياح عطلهم التي تدوم ستة أشهر بالمغرب هروبا من موجة البرد، التي تعصف بأوروبا خلال هده الفترة من السنة… ونظرا لأهمية الروبورتاج ارتأت “أخبار الجنوب” إعادة نشره مترجما الى اللغة العربية تعميما للفائدة..
إنهم متقاعدون، فرنسيون في معظمهم وينحدرون من أوساط متواضعة، بعيدا عن سياحة الأبهة بمراكش. ينزلون كل سنة على متن عربات التخييم لقضاء فصل الشتاء بالمغرب، مشدودين بلطف المناخ والحياة الرخيصة…
يبدأ الترحال في شهر نونبر، مع أولى قطرات الصقيع. يتوجه الآلاف من سياح القوافل الأوربيين الى المغرب لقضاء فصل الشتاء. حسب السلطات فإن حوالي 30 ألف و 40 ألف عربة/قافلة تلج المغرب كل سنة، منها جزء كبير خلال الفصل المذكور. يأتون غالبا من فرنسا، أحيانا من دول أروبية أخرى خصوصا ألمانيا وايطاليا. معظم سياح المخيمات هم متقاعدون يريدون في نفس الوقت العيش تحت الشمس واقتصاد المال. لديهم ميل واضح نحو مدن الواجهة الأطلسية، بين الصويرة والداخلة، وبالتحديد منطقة اكادير.
يفيس وكرستين يقضيان نصف السنة في المخيم البلدي لتزنيت، بلدة هادئة في سوس، على بعد مائة كيلومتر جنوب اكادير. يقع المخيم في وسط المدينة، على بعد خطوتين من السوق المركزي، ويستطيع المخيم إيواء 250 عربة، كما العادة. كرستين على متن كرسي متحرك مند خمس سنوات ويفيس يستقران دائما في نفس المكان أي في العمق. يعرفون أنهم سيجدون هناك عصابتهم في الهزل. هده السنة، أندري وزوجته، هم من أقرب الجيران إليهم، لن يبقوا سوى أيام معدودات: لقد قرروا النزول بعيدا نحو الأسفل، الى حدود الداخلة، محطة الجنوب الكبير، جنة الصيادين وراكبي أمواج البحر. أما يفيت، امرأة أنيقة في الثمانين من العمر عاشقة للكلمات المسهمة، وزوجها فسيبقون هنا الى فصل الربيع. كرستين، يفيس، اندري، يفيت يبلغون ما بين 60 و80 سنة. يمارسون التخييم مند زمن طويل. في مرحلة الشباب كانوا يقضون عطلهم تحت الخيمة، قبل أن يعمدوا الآن الى عربات التخييم. لقد استفادوا من حرية جديدة خلال مرحلة التقاعد. يسافرون من بعيد الى أبعد حتى وصلوا الى المغرب، الذي اعتبروه “بلدهم الثاني”. ليس بسبب لطف الطقس،” هنا على الأقل، توضح كرستين، الناس يقولون صباح الخير، إنهم خدام serviables .. بالإضافة الى النزهات، ثم لعبة “سكرابل”) وهي لعبة ألواح الهدف منها تكوين كلمات إثر سحب عشوائي لسبعة أحرف (، الكلمات المسهمة بالإضافة الى رمي الكرات الحديدية هي مجمل أنشطة اليوم. دون الحديث، بطبيعة الحال عن الحفلات الجماعية والدردشة مع الجيران. هؤلاء المتقاعدين بمداخيل متواضعة تعجبهم على الخصوص رخص المعيشة مقارنة مع فرنسا. الفواكه والخضر لا تكلف سوى بضع سنتيمات من الأورو. قارورة غاز البوتان تساوي بالكاد أربع أورو.”لدينا، يلاحظ يفيس، ما أن يتوقف شيء عن الاشتغال نقوم برميه. هم يفككون ويصلحون”. أثناء مجيئه الى المغرب، قام بتغيير حزام نقل الحركة بمحرك العربة، مع تبديل الزيت ولم يدفع سوى مبلغ 500 درهم للميكانيكي. تتوفر العصابة الصغيرة على ممونين، محمد الملقب ب “مومو” الذي يصلح مقاعد العربات ويصلح الخيام بأقمشة ذات خطوط متعددة الألوان.. مصطفى الكهربائي، احمد الصياغ… دون أن ننسى مطعم “موريطانيا”، الذي يقدم الكسكس لزبائنه الفرنسيين زوال كل أحد، تحت عزف الأكورديون…” يساهمون في تشغيل ليس فقط الصناع، لكن أيضا النظاراتيين وأطباء الأسنان… في تيزنيت، طبيبة الأسنان المفضلة لدى سياح المخيم تحمل الحجاب، فاطمة الحراب في 35 من العمر، تمارس في عيادتها مند عشر سنوات. عيادتها مجهزة بشكل جيد، نظافتها لا عيب فيها، وتطبق نفس التعريفة لجميع الزبناء، سواء مغاربة أو أوروبيين. بشكل مفاجئ وبمساعدة الكلام من الفم الى الأذن ومنتديات الأنترنيت توسعت شريحة زبناء العيادة. في 66 من العمر، لم يسبق لمانويل أن وضع رجليه لدى طبيب أسنان، لقد انتهى بالتوجه إليه، عشرات الأسنان متعفنة، أسنان اصطناعية للتركيب، واحدة في أسفل الفك والثانية في الأعلى. من اجل هدا يصرف اقل من 400 أورو. مند أكثر من عشر سنوات وهو يتجول بواسطة عربته بين المغرب، البرتغال وفرنسا، حيث يعيش ابنه وحفيدته. قال انه يمتلك “روح الترحال”. لكن مند ستة أشهر لا يتحرك من تيزنيت، حيث خلق أصدقاء يلتقي معهم لشرب فنجان قهوة، أو يجتمعون حول قنينة جعة في المساء.. “الأمازيغ” كما يفضل أن يحدد… مساهمة سياح عربات التخييم في الاقتصاد المحلي لا يمكن إنكارها، يؤكد طارق القباج رئيس المجلس البلدي لاكادير. يقتنون في عين المكان أكثر من ما يفعل الدين يأتون في إطار أسفار “تو كومبري” tout compris لدى وكالات الأسفار…
يعيشون مثل الفرنسيين زيادة على الطقس الجميل
بدأ سياح العربات يتوافدون على المغرب في نهاية سنة 1990. الكثير كانوا يمارسون التخييم الوحشي على طول سواحل تغازوت، على بعد بضعة كيلومترات شمال اكادير. الى أن قررت السلطات، وضع حد “لاحتلال” الملك العام، في أفق إنشاء محطة سياحية في نفس المكان. اليوم لم تبقى سوى أرض صغيرة في مدخل القرية حيث يسمح بالتوقف، بعد أداء مبلغ 10 دراهم (90 سنتيم أورو) في اليوم لحارس المكان. المنظر فوق البحر حصين، هنا اختار جون بول، فرنسي في السبعين من العمر، بناء مسكنه. إنه رحالة مند الأبد، لقد سافر طويلا في إفريقيا ، للبحث عن الجواهر التي يصنع منها قلائد. اليوم متزوج من مغربية، يقضي نصف العام في تغازوت، ويقضي النصف الآخر لدى قومه في بلاد الباسك، حيث يبيع الحلي لسياح الصيف… للقضاء على التخييم الوحشي، كان لابد من تحسين العرض. مند ثلاث سنوات، بدل مجهود لتهيئة المخيم البلدي باكادير، المتروك طويلا على الهامش. تم تجديد المرافق الصحية، وركبت إنارة جديدة، وتم إطلاق طلبات العروض حول المطعم والسوق الحر. المدير الجديد مولود ابو القاسم يأمل أن تتم تعلية السور الخارجي للمخيم لتأمين أفضل للمكان… إدا أفرجت البلدية عن الميزانية الكافية لدلك.. لكن هدا الموقع، المتواجد في عمق المنطقة السياحية، لا يمنح سوى 240 مكان، يملئ بشكل سريع. رغم علامات التشوير التي تمنع التخييم، ليس من النادر في قمة الموسم السياحي أن تجد سياح العربات يقضون الليل في الأزقة المجاورة، في انتظار أن يفرغ مكان في المخيم. لقد افتتحت ثلاث مخيمات جديدة بالمنطقة، واحد في ايموران على بعد 15 كلمتر شمال اكادير قرب تغازوت هو الأحدث, افتتح قبل أربع سنوات فقط، انه بمحاذاة المحيط ويطل مباشرة على شاطئ مشترك بين راكبي الأمواج وسياح العربات، المرافق الصحية لا عيب فيها، الأمن متوفر من خلال كاميرات المراقبة وشركة للحراسة. فرنسيون، ألمان، ايطاليون.. المخيمون موجودون هنا، جلهم من المتقاعدين. الجزء الأكبر منهم يبلغون أكثر من 70 سنة، يوضح مدير المخيم جمال ايميل. ليسوا أناس أغنياء، يأتون لأن الحياة هنا غير مكلفة. يعيشون كما هو الحال في فرنسا، زيادة على الطقس الجميل”, بعضهم يسافرون على متن الحافلة نحو اكادير، مستوقف الحافلات يقع أمام باب الاستقبال، لكن الأغلبية لا تبتعد أبدا عن ايموران. في الحقيقة ليسوا في حاجة لدلك. لديهم سوق حر في المخيم، ومطعم يطل على البحر، السوق الأسبوعي ينعقد كل يوم أربعاء، كما يأتي صيادون بانتظام ليعرضوا أسماكهم. هده الشريحة الجديدة من الزبناء جدبت بعض الصناع الدين استقروا في عين المكان، البعض يمر بانتظام يقترح خدماته على المخيمين. هناك حسن الذي يصلح الصحون المقعرة ، أجهزة التلفاز، الألواح الشمسية وقليل من كل ما نريد.. وهناك أيضا نبيل الذي يتنقل من مخيم لآخر، حاملا الصباغة والفرشات… السياح ينادون عليه لتأثيث الديكور الداخلي لعرباتهم وتركيب الإكسسوارات. جون الذي اشتغل طويلا في ألمانيا، تقدم بطلبية حول لوحة تمثل “منظر نمساوي” مع “بحيرة وجبال”. هدا المنجمي السابق يأتي للمرة الثانية مع زوجته لقضاء فصل الشتاء في مخيم “اطلنتيكا” في ايموران، بعد أن اكتشفه في الانترنيت. الزوجين أعجبا بعملية التجديد التي طرأت على المخيم من طرف الإدارة، التي أنشئت خلال هده السنة شبكة الويفي wi-fi. وهناك خدمة أخرى لقيت إجماعا لدى السياح: صالون للحلاقة، مفتوح ثلاثة أيام في الأسبوع. علي الحلاق يأخذ مبلغ 100 درهم ( 9 أورو) عن كل تقطيعة، بما في دلك الشامبوان والبروشيغ..
البعض يفضل شراء أو كراء البنكالويات
في هدا الصباح ستيلا، 74 سنة، هي الزبونة الأولى. لقد جاءت لكي تعيد الاعتبار الى لونها. لمدة 15 سنة وهي تسافر على متن العربة رفقة زوجها. لقد مروا من الحوض المتوسطي قبل أن يستقروا في المغرب “بسبب الطقس والناس”. لقد كانوا من الأوائل المستقرين في مخيم ايموران قبل أربع سنوات. في العام الماضي، قررت شركة “اطلنتيكا بارك” تخصيص بعض البقع لبناء “شاليات” أو بنكالويات قارة قابلة للشراء أو الكراء.. متبعة في هدا اتجاه السوق الأوروبي. ستيلا وزوجها البالغ 76 سنة من العمر، قررا أن يقوما بالخطوة الأولى.” نأتي عن طريق الطائرة، نحن مستقرون بشكل مرفه توضح ستيلا. ومن اجل التنقل اقتنينا سيارة واجتزنا رخصة السياقة المغربية”. لقد حصلا على وضعية مقيم بالمغرب وهي مفيدة فيما يتعلق بالضرائب، وهو أمر غير متاح لو كانوا يأتون عن طريق عربات التخييم… هده الحالة غير معزولة، فالكثير من سياح المخيمات عندما يكبرون في العمر يقررون الشراء أو الكراء” يوضح جون كلود تروزيي رئيس فرع اكادير لاتحاد فرنسيي الخارج. موريس وبرناديت 74 و70 سنة، بدأو التفكير في الأمر. هما ليسا من هواة المخيمات. لكن قبل ست سنوات فقدوا ابنهم الوحيد. بعد الصدمة استشعروا الحاجة الى الرحيل، اقتنيا سيارة/ قافلة وأخذوا وجهة المغرب، الذي لم يحلوا به سوى مرة واحدة في إطار سفر منظم. الآن يستقرون لمدة ستة أشهر في السنة في مخيم اكادير، ولا يقدرون على قضاء فصل الشتاء بفرنسا.” عندما لا نستطيع السياقة في الطريق، تقول برناديت، سنكتري شقة صغيرة في المدينة”…
أخر الأخبار
- الثقافة الأمازيغيةالرباط تحتفي بدور عموري مبارك في عصرنة الأغنية الأمازيغية
- مع الراهنمجلة “زيك ماغزين” تخصص عددها الجديد للغة الأم
- مع الراهنعدد جديد من “زيك ماغزين” ينتظركم في الأكشاك
- مع الراهناكادير: الدورة 15 لمهرجان الفيلم الامازيغي من 11 الى 15 شتنبر
- مع الراهنتافروات: هجرة السوسيين في الدراسات والإنتاج الثقافي
- مرئياتيوبا: Aws i g’mak
- مع الراهنتافروات: “الهجرة” موضوع الجامعة القروية محمد خير الدين
- مرئياتمحسن أجبابدي يروي ذكرياته عن تيزنيت
- مع الراهنأكادير: المرأة والهجرة” شعار النسخة الثانية من مهرجان “إيمينيك”
- مع الراهنطانطان: الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة وادنون للصحافة
اضف تعليق