بل كان ندوة ثقافية تحت عنوان عريض (وضعية وأفاق السينما الوطنية: نموذج السينما الامازيغية والفلسطينية )، ولكن هذه الندوة لم يكتب لها النور نظرا لعدم حضور المؤطرين وفلتت ان تكون هناك مناقشة فكرية حادة حول ماهية السينما الوطنية وتحدياتها و الدور الذي يجب أن تلعبه في علاقتها بالواقع وهمومه وقضاياه وعلاقتها بالناس وأحلامهم ومطامحهم وفي معالجة مشاكل الانسان المعاصر.
وتيزنيت، هذه المدينة السلطانية التي حمل المهرجان اسمها، مدينة تقع على سهل فسيح وشاسع(أزغار)، و تتموقع في قلب هذا السهل وهي بين واد سوس شمالا والمحيط الأطلسي غربا و آيت أومربيط في الجنوب الشرقي .إنها مدينة مزدهرة ثقافيا وذلك بفضل مجهودات مثقفيها. فبالإضافة إلى مهرجان السينما سيكون موعد الجمهور التزنيتي مع مهرجان “إيمعشار” ابتداء من يوم25 يناير 2013 ، وكذلك هناك مهرجان الفضة في الصيف ومهرجان الفيلم القصير… وبالتالي فهذه مدينة السينما بامتياز، ففيها ولدت السينما الأمازيغية بأول فيلم أمازيغي وفيها ولدت الأغنية الأمازيغية مع عماد الأغنية الأمازيغية ‘الحاج بلعيد’… وأصبحت هذه المدينة مركز إشعاعي حضاري وثقافي في سوس ،ولعل مهرجان السينما لهذه السنة تحت عنوان (السينما للجميع ) جسد كل هذه التطلعات .
إلا أن هناك بعض الهفوات و الأخطاء لابد من تصحيحها منها :
• أن هذه الدورة الخامسة تميزت بأهمية الجانب التنظيمي . إلا أن هذا الجانب بدوره عرف بعض الاخطاء منها: أبدأ بالعنوان فالسينما ليست للجميع. فكان من اللازم عرض بعض الافلام في الهواء الطلق كما كان الحال في الدورة الأولى خاصة الساحة الفسيحة بطريق أكادير لتكون فعلا دورة لجميع أبناء مدينة تيزنيت بدون استثناء وتكون بذلك سينما للجميع. فكم من المثقفين و فعاليات المدينة الثقافية و الجمعوية منعوا من الدخول بدعوى عدم توفرهم على دعوة الحضور.
• كما أن في تكريم الفعاليات السينمائية بالمدينة وضواحيها هناك غياب تكريم أبناء المنطقة باستثناء شخصية واحدة ، بل هناك وجوها اخرى تستحق التكريم في المسرح و السينما ويجب الالتفات إليها .
• كما أن هناك كذلك فرصة ضاعت على الأطفال وذلك بسبب عدم حضور مخرج فيلم “صرخات السلحفاة”…(حسب قول مدير المهرجان) وكان الأطفال ينتظرون بفارغ الصبر فرجتهم في المهرجان، بل نسبة منهم غادرت هي وأسرها قاعة دار الثقافة بعد عرض فيلم قصير لشاب بينيني من افريقيا يخدش الحياء والحشمة لدى الأطفال وعائلاتهم…
• أما في الحفل الختامي فوزعت الجوائز والشواهد التقديرية بدون إدراج و لو أغنية محلية.
إلا أن ما ميز المهرجان هو حضور المخرج الفلسطيني “سعد سعود مهنا” من غزة الذي تعرض وتطرق للقضية الفلسطينية وبالضبط إلى حصار غزة وتجاوب معه الجمهور التيزنيتي ووقفوا وقرأوا الفاتحة على الشهداء الفلسطينيين ،لكن أحد المساهمين في إحدى الورشات قلب عليهم الطاولة بعبارته (تازة أولا قبل غزة) .
وعن سؤال لأعضاء لجنة التحكيم عن رأيهم في المستوى العام للأفلام التي عرضت في مسابقة المهرجان أجابوا بأنها في مجملها مستوى متوسط إن لم يكن دون المتوسط ، حيث فاز الفيلم المغربي “ألوان الصمت” بالجائزة الاولى .
والمهرجان عموما يعكس صورة للوضع السينمائي في العالم الأمازيغي والعربي والإفريقي، ومعنى ذلك أن الإنتاج السينمائي يجتاز فترة صعبة، فالمهرجان هو مرآة للحالة التي وصلت إليها صناعة السينما في البلاد العربية والإفريقية .ففي تيزنيت ثم إغلاق قاعتين للسينما الباهية وأمبير ، وبالتالي فالسؤال المطروح – ما هو مستقبل السينما الوطنية في ظل العولمة ؟
ولكن الجديد والمشوق في أفلام مهرجان تيزنيت أنها أفلام تبعث المناقشات الحارة الملتهبة خاصة فيلم “الطريق إلى كابول” و “أغرابو” و “امودو ن فرنسا”…
وما يحسب كذلك لهذه الدورة هي مناسبة سنوية للقاء حشد من السينمائيين المهمومين بالفن السينمائي وأبناء مدينة تيزنيت، حيث كانت لهم لقاءات بأبرز الشخصيات السينمائية العالمية والامازيغية والعربية والإفريقية منهم: ‘أحمد ماهر’ من مصر والمخرج الفلسطيني ‘سعد سعود مهنا’ ومن تونس ‘حدا حمدي’ ومن المغرب ‘الحاجة فاطمة تيحيحيت’ ‘ ربيع القاطي’ و’عبد اللطيف عاطف’ الممثل الأمازيغي و’فاطمة بوشان’ الممثلة النشيطة و’أكرام أرشاش’ …
كما أن هذا المهرجان كان مناسبة إنسانية اجتماعية تجسد من خلال الزيارة التي قام بها الفنانون لمستشفى الحسن الأول وزيارة جناح الأطفال المتخلى عنهم وقدموا مساهمات رمزية لهذه الطفولة المحرومة، بل هناك ممثلة تبنت رضيعا عمره شهر .
ونقول معهم بدورنا تقبل الله منكم… ونحو عمل سينمائي هادف وجيد، لكن عزاءنا أن مهرجان تيزنيت السينمائي لهذه السنة كان فرصة للقاء الفكر و الثقافة من اجل مستقبل أفضل للفن السابع. ومزيدا من النجاح و التوفيق و الاستمرارية لجمعية الثقافية السينمائية بتيزنيت في الدورة القادمة و في كل الدورات.
اضف تعليق