تتفق دول شمال افريقيا في الاحتفال برأس السنة الجديدة ثلاثة مرات في العام وفق تقويمات مختلفة: ميلادي، هجري، أمازيغي.. لكن الدول المذكورة تختلف في تعاملها مع رأس السنة الامازيغية من دولة لأخرى، فإذا كانت الجزائر اعترفت بالمناسبة ك”عيد وطني” منذ العام 2018 ويتسامح المغرب مع تنظيم احتفالات “الناير” في الساحات العمومية دون أن يصل الأمر الى الاعتراف بالمناسبة ضمن العطل الرسمية، فإن تونس تتجاهل هذه المناسبة السنوية وإن كان التونسيون يحتفلون بها على المستوى الشعبي في إطار ضيق، كما أن جميع مواعيد الرزنامة الفلاحية التونسية، التي تحدد الفصول الفلاحية ونوع الأنشطة الفلاحية وخصوصيات الطقس.. مقتبسة حرفيا من التقويم الشمسي الأمازيغي.. فرغم أن تونس تصنف نفسها كدولة “عربية دينها الإسلام ولغتها العربية” كما ورد في الفصل الأول من دستور 2014 فإن ذلك لا يمنع التونسيون من الاحتفال برأس السنة الجديدة وفق التقويم الامازيغي تحت تسمية أخرى: “رأس السنة العجمية”. فحسب معجم “المعاني” فالعجمي (والعجمية) اسم منسوب الى العجم أو من ينتمي الى بلاد العجم وهم “غير العرب”.. وبالتالي فإن احتفال التونسيين برأس السنة “الغير العربية”، يعني أنهم يعترفون ضمنا ب”عجمتهم” ويقرون بشكل غير مباشر بعدم انتمائهم الى العروبة.. لا أفهم كيف يحتفي التونسيون برأس السنة العجمية وفي نفس الوقت يتشبثون بالعروبة! كمن يتشبث بالشيء ونقيضه في نفس الآن، لأن البطيختان لا تجتمعان في اليد الواحدة كما يقول المثل….

إذا كان التونسيون تحرروا من الحكم الفردي الاستبدادي قبل أكثر من عقد من الزمن، فإنهم في حاجة الى ثورة ثقافية تفضي الى مصالحة حقيقية مع ماضيهم وتاريخهم، كي يعوا ذاتهم ويعرفوا هويتهم الأصلية التي تعرضت للطمس بفعل سياسة التعريب التي شوهت الكثير من أعرافهم وتقاليدهم التي صارت تحمل أسماء غريبة وبدون معنى ومنها رأس السنة الامازيغية الذي تحول الى “رأس السنة العجمية” في الأجندة التونسية..
رغم تعدد الأسماء: “رأس السنة العجمية”، “رأس السنة الفلاحية”.. فالمسمى واحد: رأس السنة الامازيغية.. ماذا لو اعترف التونسيون صراحة بأمازيغيتهم بدون لف ولا دوران؟ هل سيخسرون شيئا في آخر المطاف؟
في انتظار أن تنتهي المفارقة التونسية بشأن الهوية، أتمنى سنة امازيغية سعيدة 2972 لكل التونسيين والتونسيات ولكل أمازيغ العالم..
ابراهيم اوزيد
اضف تعليق