17 أكتوبر فلاحي: دخول موسم الحرث

   لما كان حساب السنوات بالتقويم الهجري، معتبر بالأهلة ومطالعها واجه القدماء مشكلة أن هذه الأشهر القمرية مختلفة الأوائل، فأحيانا تقع وسط الصيف وأحايين أخرى وسط الشتاء، فهي متقلبة بين الفصول، فكانت الحاجة ملحة إلى استنباط نظام يضبط هذه السنين على المواسم التي فيها معاشهم. لهذا ضبطوا السنة الشمسية فوجدوا أن الشمس تقطع كل منزلة في ثلاثة عشر يوما، أي أن الشمس تنتقل من منزلة إلى أخرى في هذه المدة. فضبطوا سنتهم على هذا الحساب. أغلب الحفاظ والمهتمين بهذا التقويم هم فلاحون أو لهم علاقة بالفلاحة، لذلك وظفوا هذا الموروث لحساب السنة الفلاحية واعتمدوا خصوصا الجزء، الذي يغطي الفترة الزمنية التي تمتد من موسم الحرث إلى موسم الدراس، فيما ظلت بقية المنازل غائبة ومجهولة.. فبعد انتهاء الدراس فإن الأرض تخلد للراحة، وتقل الحاجة إلى المطر، فيتفرغ الناس لأفراحهم وأعراسهم فيريحون أذهانهم من عناء العد والحساب،  لذلك بقيت مجموعة من المنازل الأخرى، التي تواكب هذه الفترة شبه غائبة أو مجهولة من ذاكرة الفلاحين. يتجلى استعمال التقويم الامازيغي لدى المغاربة بشكل بارز في النظم الفلاحية، حيث استعمل الفلاح المغربي مهارات ومعارف مستمدة من علم الفلك بما لها من علاقة وطيدة بالكواكب والأبراج والطقس والمناخ معتمدا على تواتر الفصول الأربعة وهو ما يسمى بالامازيغية “إميرن أوسكاس” والتي هي كالتالي:

تاكرست: فصل الشتاء (يبدأ في 17 نونبر)

تافسوت، تالدرار: فصل الربيع (يبدأ في 14 براير)

اموان: فصل الخريف (يبدأ في18  غشت)

أنبدو، أويلان: فصل الصيف (يبدأ في 17 مايو)

وغالبا ما تستعمل الفصول التقليدية المرتبطة بالطقس والمناخ لإنجاز مختلف الأعمال الفلاحية من غرس وزرع وحصاد ودرس بالإضافة الى الحرث، الذي يحل موعده في 17 اكتوبر فلاحي أي الزمان، الذي حرث فيه آدم على نبينا وعليه السلام حسب المرغيتي.. وقس على ذلك كثير… وهناك فصول أخرى مواقيتها معروفة ودقيقة وموزعة على طول العام حسب نوع الطقس، الذي يميزها عن غيرها من فترات السنة. وأكثر من كان يعتمد عليها في إنجاز أعماله هم الفلاحون، فمن خلالها كانوا يعرفون الأعمال التي عليهم القيام بها من حرث وغرس وزبر وحصاد ودرس الخ.. ومن أهم الفصول الأخرى نذكر:

الليالي: وهي الليالي السوداء في فصل الشتاء، حيث يشتد فيها البرد على الناس وتبدأ في 12 دجنبر فلاحي (25 دجنبر  ميلادي) وتدوم 40 يوما.

السمايم: جمع سموم وهي الريح الحارة أو شدة الحر أي الأيام التي يشتد فيها الحر في الصيف وتدخل في 12 يوليوز فلاحي (25 يوليوز ميلادي) وتدوم 40 يوما أيضا..

العنصرة: يحل يوم 7 يوليوز الميلادي، الموافق ل 24 يونيو فلاحي، ويستغرق 13 يوما، وهو عيد للنصارى ويسمى المهرجان مثل الحجوز وهو النيروز حسب المرغيتي. أما باصي فيرى أن الاحتفال الخاص بالعنصرة يمكن أن يسمى عيد الماء أو احتفال عاشوراء.. لكن مع ضرورة ملاحظة أن السمات المميزة لهذه الاحتفالات هي إعادة حياة أو موت الأعشاب، التطهير بالنار والماء، ليس لها أي امتياز لدى الامازيغ… وبالتالي لا نستطيع التأكيد أن التقاليد المذكورة بالرغم من حدوثها بافريقيا أنها ذات أصل امازيغي…

اضف تعليق