بوفيم: “التين الشوكي” شجرة مباركة أنقذت حياة الإنسان والحيوان على مدى قرون

ينظم المجلس الإقليمي والمجلس الجماعي لسيدي إفني الدورة السادسة ل”موسم الصبار”، ما بين ثالث وسابع غشت الجاري، وذلك تحت شعار ” المنتوجات المجالية رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، بشراكة مع عمالة إقليم سيدي إفني وبتعاون مع جمعية “إفني مبادرات ” وفعاليات المجتمع المدني.

سألنا الأستاذ الباحث عبدالله بوفيم، من منطقة سيدي إيفني، أكبر المناطق التي تنتج فاكهة “الصبار”، بحيث تحتل فيها حقول الصبار 80 ألف هكتار ، فأكد أن شجرة الصبار شجرة مباركة تتفرع إلى نوعين، نوع يحمل شوكا كثيرا وخطيرا، يسمى في المنطقة (أشفري) تسيج به الضيعات و”الجنانات”، والنوع الثاني يسمى (أمسلم) قليل الشوك، ويتفرع (أشفري) إلى نوعين نوع يطلق عليه (عيسى)، يتميز بقلة سمك أوراقه، يثمر ما بين يونيو وغشت من كل سنة، والنوع الثاني يطلق عليه (موسى) يثمر ابتداء من نهاية غشت وقد يستمر أحيانا إلى شهر فبراير إن كان فصل الصيف ممطرا وباردا، كما حال هذه السنة.

أبرز بوفيم أن شجرة الصبار أو “التين الشوكي” بالمغرب واحدة من الأشجار المباركة، التي أنقذت حياة الإنسان والحيوان في المغرب على مدى قرون من الزمن، حيث ضمنت الغذاء للإنسان، من خلال ثمار الصبار الناضجة والثمار التي تجفف، كما ضمنته للحيوان من الثمار المجففة ومن أوراق شجرة الصبار، وللطيور، والنمل، والحشرات ومن كل ما خلق الله في المنطقة، مشيرا إلى أن شجرة الصبار عرفت بجنوب المغرب، خاصة بمنطقة أيت باعمران ، قبل أكثر من 300 سنة تقريبا، حيث وجد صياد ورقة من أوراق شجرة الصبار، فاستغرب شكلها وحجمها ثم حملها لمنزله مساء، وبعد أن شاهدها أهله لم تعجبهم، فأخذها ووضعها في مكان خارج البيت، وحيث إن ورقة شجرة الصبار تتمتع بقوة تحمل هائلة، ويمكن لها أن تنبث في أي مكان، لكن المفاجأة كانت بعد خمس سنوات، حيث أثمرت تلك الورقة فاكتشف صاحبها أن ثمارها حلوة وجيدة، وتناقل الناس أوراق الصبار، فزادوا من غرسها، واهتموا بها فكانت (جنانات) الصبار قليلة في البداية، لاعتماد المنطقة على الرعي، فأصبح لكل عائلة (جنانها)،  تغرس فيه بعض أوراق الصبار التي تثمر لتضمن الغذاء للسكان.

وأبرز عبد الله أن شجرة الصبار تشكل غذاء مفيدا، سواء تعلق الأمر بثمارها أو بأوراقها والأجود فيها زيتها الذي يستخرج من ثمارها، إذ يزيد نضارة وصفاء الوجه، ويقاوم كثيرا الأمراض والأورام، ويبلغ ثمن لتر من زيت الصبار حوالي 5000 درهم.

وأوضح بوفيم أن شجرة الصبار لا تكلف الفلاح درهما واحدا في السنة، لكنها تضمن له يوميا غذاء لماشيته، فهذه الشجرة المباركة، كلما زاد الفلاح في كسرها، كلما زادت أوراقها وجودة ثمارها.

وأبرز عبدالله أن التين الشوكي شجرة مباركة فعلا، فهي تسقى من أوراقها بنسبة 80 في المائة ومن عروقها بنسبة 20 في المائة، لأن شوكها عبارة عن قنوات تمتص الماء، ليدخل إلى أوراقها، لذلك فالضباب يكفي شجرة الصبار ولو من غير شتاء لتعيش عشرين سنة، وتركيبة أوراق شجرة الصبار تسمح للتي في الأعلى أن توصل الماء للتي في الأسفل، فتنال حظها من الماء، والأشواك المتجمعة تمسك الماء، لحين تمتصه الورقة والزائد منه يمر للأوراق التي في الأسفل.

وثمار شجرة الصبار يصل ثمن الصندوق منها أحيانا في الجنان إلى 200 درهم، وقد يصل إلى 20 درهما حسب العرض والطلب، لكن المهم هو أن شجرة الصبار تشغل مئات الآلاف من اليد العاملة لمدة خمسة أشهر من كل سنة، سواء في الجني والتوزيع في المدن بالعربات، وهي الفاكهة الوحيدة التي لا تعالج ولا يمكن معالجتها بالمواد الكيميائية، كما أنها الفاكهة الوحيدة التي تؤكل في الأماكن العامة.

للإشارة، تعتبر منطقة أيت بعمران المنطقة الأولى في إنتاج التين الشوكي على الصعيد الوطني، حيث تتربع ضيعاتها على مساحة 80 ألف هكتار، وتنتشر في الإقليم نفسه أكثر من 80 تعاونية خاصة بإنتاج الصبار، وتشغل الآلاف من اليد العاملة، إذ تتوفر المنطقة أيضا على وحدة صناعية خاصة بإنتاج وتلفيف فاكهة الصبار، من بين هذه التعاونيات تعاونية “اكناري”، التي يوجد مقرها بجماعة صبويا التابعة لإقليم سيدي إيفني، التي تعتبر من التعاونيات الرائدة في إنتاج مشتقات الصبار وتسويقها على نطاق واسع، الشيء الذي جعل منها تجربة نموذجية في مجال تثمين المنتوجات المحلية  على الصعيد الوطني..

اضف تعليق