قال الدكتور رفعت الجاسم، أستاذ بجامعة كوينزلاند الأسترالية، إن المغرب في حاجة ماسة إلى إدارة جيدة للمراعي الفقيرة بسبب الرعي الجائر بهدف توفير الفرصة للغطاء النباتي للنمو، وتجنب الرعي المستمر طوال السنة.
وأضاف الجاسم أن عدم برمجة الرعي وعدم الحفاظ على الغطاء النباتي ينتج مراعٍ فقيرة؛ الأمر الذي يؤثر على إنتاجية الإبل، ودعا إلى دعم مكتسبات وخبرات مربي الإبل بالمعلومات العلمية الصحيحة لفهم النظام البيولوجي للحيوان.
وكان الجاسم، ذو الأصل العراقي، قد قدم تجربة لمربي الإبل في إقليم أسا الزاك في إطار القافلة الفلاحية فوسبوكراع قبل أيام، تتعلق بالرعي المختلط بين الجمال والبقر من أجل تحسين الإنتاج وتحسين دخل المشتغلين في هذا القطاع الهام في جنوب المغرب.
وقال الجاسم إن هذه النتيجة تم التوصل إليها بعد تجربة أجريت في أستراليا خلصت إلى أن الرعي المختلط بين الجمال والبقر يفيد كثيراً في تربية الأبقار، على اعتبار أن الإبل تتغذى في الغالب على النباتات المرتفعة.
وقال الدكتور المتخصص، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن التجربة أثبتت أن الأبقار التي ترعى مع الإبل تحسنت إنتاجيتها مع ارتفاع الأحماض الطيارة الناتجة عن الهضم بفضل الأحياء المجهرية التي تنتقل إليها من الإبل.
وأبرز الخبير ذاته أن تربية الإبل بالمغرب تختلف كلياً عن أستراليا حيث تبقى طليقة في البراري، بنسبة تصل إلى 99 في المائة من مجمل القطيع الذي يبلغ نحو 400 ألف، بينما في المغرب الإبل مدجنة وتلقى اهتماماً كبيراً لدى كل من الساكنة، والدولة التي تبذل مجهودات لتربيتها وتثمين منتوجاتها.
ولفت الجاسم إلى أن الإبل في أستراليا لا تلقى الاهتمام الكافي، رغم أنها تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على التربة، فضلاً عن لجوء السلطات الأسترالية إليها للسيطرة على الأدغال على اعتبار أنها تستطيع تناول النباتات الشوكية دون التأثر بها؛ إذ تتغذى على 325 نوعا من النباتات من مجموع 350 نوعا متوفرا بأستراليا.
وأوضح الدكتور المتخصص في التغذية الحيوانية أن تجربة الرعي المختلط بين الجمال والأبقار في استراليا استمرت لمدة سنتين، بينت نتائجها أن هذا الرعي ليس له تأثير سلبي على الأبقار لعدم وجود منافسة بين الاثنين على المصادر الغذائية.
وأشار الباحث العراقي إلى أن التجربة التي أجريت في استراليا تفيد بأن بعض الأحياء المجهرية تنتقل من الإبل إلى الأبقار، في إطار الرعي المختلط بينهما؛ الأمر الذي يساهم في عمليات الهضم وبالتالي تحسين أداء الأبقار.
وقال إن الإبل تعتبر من الحيوانات سهلة التربية والإدارة مقارنة مع أي حيوان آخر، وأضاف موضحا: “تكمن سهولة ذلك في كونها قريبة من الإنسان، وهي في حاجة إلى التعود لتبرز آصرة الارتباط بشكل قوي، كما أن احتياجات الإبل من العلف قليلة مقارنة مع الأبقار”.
ومعلوم أيضاً أن حليب الإبل ذا قيمة صحية عالية مقارنة مع حليب الأبقار، كما أن الدراسات العلمية أثبت أن مكوناته أقرب إلى مكونات حليب المرأة؛ ما يجعل الإقبال عليه أكثر، وبالتالي يرتفع ثمنه في السوق.
وتحتل الأقاليم الصحراوية المركز الأول في تربية الإبل بنسبة كبيرة من مجموع القطعان بالمغرب، كما تتوفر هذه الأقاليم على تربية الماعز، بقطيع يناهز 30 ألف رأس، وبضعة آلاف من رؤوس الأبقار.
ويبلغ عدد الإبل في المغرب، بحسب أرقام وزارة الفلاحة، نحو 180 ألف رأس، لكن الرقم يبقى تقريبياً فقط نظراً لصعوبة الإحاطة بالعدد الحقيقي بسبب الترحال. وقد عمدت الحكومة سنة 2015 إلى إطلاق برنامج للترقيم من أجل الإحاطة بالعدد الحقيقي للإبل، وتتبع الحالة الصحية للقطيع.
ويتوفر المغرب على ثلاثة سلالات من الإبل، صنف الخواري، وصنف المرموري الذي يتميز بحجمه المتوسط وإنتاجه الكبير من الحليب، وسلالة الكرزني المعروف بصغر حجمه وضعف كميات الحليب التي يوفرها.
عن “هسبريس”
اضف تعليق