الطريق السريع تيزنيت الداخلة: صلة وصل بين شمال المملكة وجنوبها

و،م،ع

يشكل  الطريق المزدوج السريع الذي سيربط بين مدينتي تيزنيت ومدينة الداخلة في أقصى الجنوب المغربي، مرورا بمدينة العيون جوهرة الأقاليم الصحراوية المغربية، مشروعا استراتيجيا سيكون له وقع إيجابي كبير على آفاق التنمية في الأقاليم الجنوبية المغربية على امتداد العقود المستقبلية القادمة .

ومما لا شك فيه أن هذا المشروع الضخم المهيكل ، العابر للصحراء المغربية من شمالها إلى أقصى جنوبها، لن ينعكس إيجابيا على الجوانب التنموية ، الاقتصادية والاجتماعية فحسب، ولكن سيكون له بعد وطني ووجداني عميق بالنظر لكونه سيربط شمال المملكة بجنوبها، ليعطي بذلك دلالة واضحة وبليغة عن الوحدة المتينة التي تطبع أواصر الترابط القوي بين مختلف جهات المملكة.

بل يتعدى مشروع الطريق المزدوج السريع ذلك، ليكتسي بعدا جهويا قاريا حيث يترجم بالملموس تشبث المغرب بعمقه الإفريقي، كما يترجم الحرص الفعلي للمملكة على أن يكون لها دور فعال في الدفع بقاطرة التنمية على صعيد القارة السمراء .

ويعكس هذا المشروع التنموي الكبير النظرة الثاقبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إزاء تصوره المتميز للنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية،حيث قال جلالته بهذا الخصوص “إن تطبيق النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، يجسد وفاءنا بالتزاماتنا تجاه المواطنين بأقاليمنا الجنوبية، بجعلها نموذجا للتنمية المندمجة.
كما نريده دعامة لترسيخ إدماجها، بصفة نهائية في الوطن الموحد، وتعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي، وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي “.

وأضاف جلالة الملك محمد السادس في الخطاب الملكي السامي الذي وجهه للشعب المغربي في نونبر 2015 ، بمناسبة الذكرى 40 للمسيرة الخضراء المظفرة ” لذا قررنا، بعون الله وتوفيقه، تعبئة كل الوسائل المتاحة لإنجاز عدد من الأوراش الكبرى، والمشاريع الاجتماعية والصحية والتعليمية بجهات العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، وكلميم – واد نون.
ففي مجال البنيات التحتية، ستتم تقوية الشبكة الطرقية بالمنطقة بإنجاز طريق مزدوج، بالمواصفات الدولية، بين تيزنيت – العيون والداخلة”.

وقد لقيت الإرادة الملكية المعبر عنها في الخطاب الملكي السامي بخصوص الطريق المزدوج السريع الرابط بين تيزنيت والداخلة عبر كلميم والعيون تجاوبا إيجابيا من طرف مختلف المتدخلين ، سواء على الصعيد المركزي أو الجهوي ، حيث تم الشروع في تنزيل هذه الإرادة الملكية على أرض الواقع من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية ، إلى جانب الشروع في تنفيذ بعض المنجزات التي تندرج في إطار تجسيد هذا المشروع الوطني الضخم.

وفي هذا الإطار، أعطيت الإنطلاقة الرسمية يوم 16 مارس 2016 لبناء قنطرة كبرى على وادي درعة بإقليم طانطان ، حيث رصد لتشييد هذه المنشأة الفنية ، التي تصنف كلبنة أولى ضمن مشروع الطريق المزدوج  تزنيت-العيون- الداخلة، غلاف مالي إجمالي بقيمة 39 مليون درهم، وسيمكن تشييدها من حذف نقطة انقطاع الطريق أثناء موسم الفيضانات، وكذا الرفع من مستوى خدمة الشبكة الطرقية ، وتعزيز شروط السلامة.

وفي السياق ذاته، عقدت اللجنة الجهوية لكلميم واد نون للإشراف وتتبع إنجاز مشروع المقطع الطرقي السريع الرابط بين تزنيت وكلميم وواد الواعر ، يوم 14 فبراير الماضي بمقر ولاية الجهة اجتماعا تنسيقيا خصص للتداول بشأن تقدم الدراسات التقنية لهذا المحور الطرقي السريع الذي هو جزء من مشروع الطريق المزدوج السريع تزنيت – العيون (2016-2021).

وسينجز هذا المقطع الطرقي السريع ، الذي رصد له مبلغ 3,5 مليار درهم، على طول 332 كلم داخل جهة كلميم واد نون انطلاقا من تزنيت (شمال) في اتجاه كلميم ، وصولا إلى واد الواعر بالحدود الترابية مع جهة العيون الساقية الحمراء، والتي تتوزع على 113 كلم بمقطع تزنيت-كلميم ، و 106 كلم بمقطع كلميم -واد درعة (طانطان) ، و 113 كلم بمقطع واد درعة – واد الواعر ، وذلك من مجموع 550 كلم طول الطريق السريع تزنيت-العيون.

وموازاة مع الدراسات التقنية الضرورية لإنجاز مشروع الطريق المزدوج السريع تيزنيت العيون الداخلة، فقد حظي موضوع رصد التمويل الضروري لإنجازه، باهتمام من طرف مختلف المتدخلين حيث تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن مجلس جهة كلميم واد نون صادق خلال دورته العادية لشهر أكتوبر 2017 على اتفاقية الشراكة الخاصة بالطريق السريع تيزنيت العيون ، والتي تروم أيضا تقوية وتوسيع الطريق الوطنية الرابطة بين مدينتي العيون والداخلة على 9 أمتار، وذلك بتكلفة إجمالية تناهز 5ر8 مليار درهم.

كما صادق مجلس جهة سوس ماسة في دورته العادية التي انعقدت يوم 7 مارس 2016 على تخصيص ميزانية مالية تصل قيمتها 334 مليون درهم، لتمويل مشاريع للبنيات التحتية ، ضمنها الطريق المزدوج الرابط بين تيزنيت وكلميم، حيث بلغت حصة مساهمة مجلس جهة سوس ماسة في تمويل هذا المشروع برسم ميزانية 2016 ما قدره 40 مليون درهم.

أما على صعيد جهة الداخلة وادي الذهب، فقد بلغ حجم الاستثمارات التي خصصت لتمويل المشاريع المتضمنة في النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية والخاص بهذه الجهة 17,75 مليار درهم ، كما أعلن عن ذلك رئيس مجلس الجهة في كلمة بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة ترؤس جلالته يوم 8 فبراير 2016 في مدينة الداخلة مراسيم إطلاق برنامجي تنمية جهتي الداخلة- وادي الذهب ، وكلميم- واد نون ، والتوقيع على عقدي البرامج المتعلقين بهما .

والأكيد أن الطريق المزدوج السريع الرابط بين تيزنيت والداخلة ،عبر كلميم والعيون، سيمكن عند إتمام إنجازه من وضع الأسس الصحيحة والقوية لبناء نموذج تنموي جديد للأقاليم الجنوبية للمملكة وذلك بما يؤهلها لتشكل حلقة وصل ليس فقط بين شمال المغرب وجنوبه، ولكن بين المغرب وعمقه الافريقي..

اضف تعليق