كيف تعرف مهنة النظاراتي ؟
ظهرت مهنة نظاراتي مند فترة الاستعمار، حيث كان الفرنسيون يفرضون سيطرتهم على هده المهنة وكان أبائنا في الخمسينات يتتلمذون لدى الفرنسيين أصول المهنة. وبعد رحيل الفرنسيين تولى المغاربة أنفسهم تدبير مهنة النظاراتيين في فترة لم يكن المغرب يتوفر على مدارس للتكوين لتخريج النظاراتيين المؤهلين…
أنا تعلمت المهنة لدى والدي رحمه الله، فعائلتنا تمارس هده المهنة من آب وإخوة وأبناء عمتي.. لقد تلقينا الصنعة وتعلمنا المهنة بجدية وصرامة، قبل أن نسافر الى فرنسا وايطاليا لصقل الخبرة والتعرف على الآلات الجديدة في المجال والتقنيات المستعملة.. كنت اشتغل في محل والدي الى سنة 1985 حيث فتحت محلي الخاص في تيزنيت في زنقة باب اكلو وكنت حينها أول نظارتي في الجنوب، كنت استقبل الزبناء من تيزنيت وكلميم وطنطان، حيث لا يوجد إلا نظارتي واحد في العيون.. بعد دلك ظهرت مدارس التكوين المهني وبدأ الخريجون يظهرون في الساحة، ولم يطرح حينها أي مشكل بين أصحاب المحلات الحاصلين على دبلومات معاهد التكوين المهني أو أرباب المحلات الدين تعلموا الصنعة لدى قدماء النظاراتيين، الى أن بدأنا نسمع أصواتا تطالب بإغلاق محلات النظارتيين القدماء بدعوى أنهم لا يتوفرون على دبلومات”.
أين يتجلى الفرق بين مهنة نظارتي ومبصاري؟
النظاراتي يعتبر بائع بالتقسيط ويتكلف بصنع النظارات بينما المبصاري يقوم بتصحيح النظر وقياس النظر. النظارتي هو تقني يصنع العدسات، يقوم بتقطيع وتركيب مختلف أحجام زجاج النظارات. المبصاري يقوم بإجراء فحص في محله لتصحيح النظر، لكن لا يقوم مقام طبيب العيون، الذي يفحص العين ويدون الأدوية المناسبة من تقطيرة وغيرها… القاسم المشترك بين النظاراتي والمبصاري هو أنهما يشتغلان على تقطيع زجاج النظارات، فالنظاراتي تعلم الحرفة، أما المبصاري فقد تكون في معاهد التكوين…
كيف ينظم القانون المغربي مهنة النظاراتي؟
لازلنا ننتظر صدور قانون جديد ينظم مهنة النظاراتي، كل ما هو موجود هو ظهير يعود الى سنة 1954 في عهد الاستعمار الفرنسي، وهو ظهير يؤكد أن من يريد مزاولة مهنة نظاراتي يجب أن يحصل على دبلوم من فرنسا… لكن بعد ظهور معاهد للتكوين المهني في المغرب تضم شعبة مهنة النظاراتيين صارت المهمة سهلة، وان كان بعض المبصاريين يحرضون الدولة على عدم الاعتراف بدبلومات المعاهد الحرة المرخص لها من طرف الدولة، ويشترطون أن يكون الدبلوم صادرا عن جامعة القاضي عياض في مراكش، كما يروجون أن الشخص المتجه الى شعبة مبصاري يجب أن يتلقى تكوينا علميا أو في العلوم الاقتصادية، مع منع أصحاب التكوين الأدبي من ولوج مهنة مبصاري…
ظهير سنة 1954 لم يكن يميز بين مبصاري ونظاراتي. ففي فرنسا يوجد تقني صانع نظارات حاصل على دبلوم ثم مبصاري opticien optométriste يفحص في محله والآخر يتوصل بالوصفة ويصنع النظارات.. ظهير 1954 لا يشير الى الحاصل على الدبلوم من معاهد التكوين المغربية، لأن نقابة المبصاريين تضغط على الحكومة حول عدم تعديل الظهير المذكور، كما يضغطون على المدارس الحرة لمنعهم من إدراج شعبة نظارتي في برامج التكوين، كي لا يكون بمقدار النظاراتي أن يتلقى تكوينا لمدة سنة ويحصل على دبلوم ويفتح محله الخاص، كما حاولوا الضغط على مدرسة “ايبدو” باكادير، حيث يتلقى النظاراتيون تكوينهم، ونحن نشكر صاحب المدرسة على مجهوداته.. فشعبة تقني نظارات موجودة في جميع الدول منها: فرنسا وبريطانيا وفي تونس والجزائر… وتكمن مهمته في اقتناء الزجاج وبيعه وتركيبه في إطار… وليس من حقه انجاز مهمة تصحيح النظر، لأنه لم يدرس هدا التخصص… المبصاريين يرفضون أن يحصل النظاراتي على دبلوم يسمح له بمزاولة مهنته بشكل مستقل، كي يبقى المبصاري هو الوحيد الذي يحق له الحصول على الدبلوم. مع العلم أن أغلبية المبصاريين لا يشتغلون شخصيا في محلاتهم، بل التقنيون هم الدين ينجزون جميع الأعمال ويبقى المبصاري في منزله..
الى مادا يعزى هدا الصراع بين النظاراتيين والمبصاريين، هل هو صراع على الزبناء أم يدخل في إطار المنافسة بين الطرفين؟
من أسباب الصراع أن المبصاريين يروجون أن النظاراتيين يقتنون سلع صينية رخيصة ويبيعون زجاج بدون جودة يضر بعيون المستهلك، كأن الزبناء غير متعلمين وغير واعيين، ولا يعرفون مادا يصنعون… والغريب أنهم يروجون أن محلات النظاراتيين يشتغلون في “النوار” أي بدون تصريح… هل من يدفع الضريبة المهنية يشتغل في “النوار”؟ فالدولة على علم بكل شيء.. كما يتهمون النظاراتيين باستيراد السلعة من الخارج بتواطئ مع مصالح الجمارك، والبيع بأثمنة رخيصة.. نحن لا نستورد أي شيء من الخارج، فحاجياتنا نقتنيها لدى الشركات التي تبيع زجاج النظارات… يريدون أن يوهموا الناس أننا “غير كنبريكوليو” وغير مرخصين… والمبصاريين وحدهم المرخصين ولديهم اعتراف من طرف الدولة…
هل نجحت التجارب السابقة لتنظيم قطاع النظارتيين ؟
تجارب جمعيات النظارتيين لم تنجح بسبب العراقيل التي كانت تضعها نقابة المبصاريين ولا زالت مستمرة في العرقلة الى اليوم. في المجال الجمعوي، تأسست الجمعيات الأولى في الدار البيضاء، لكن قوبلت بمعارضة المبصاريين من خلال تحريض السلطة المحلية ومسؤولين في الرباط لعرقلة نشاط جمعيات النظاراتيين….. المبصاريون يريدون الضغط علينا كي يستمروا في الحصول على الصفقات في العمالات والولايات والمؤسسات، ولا يكتفون بمحاربة الجمعيات، بل يحاربون حتى المبصاريين الجدد ولا يمنحون لهم التراخيص و البطائق المهنية ويرفضون أن ينخرطوا معهم في المهنة، لأنهم يريدون احتكار السوق ولا يريدون أن تكشف أسرارهم..
ننتقل الآن الى المؤتمر التأسيسي للنقابة الديمقراطية لمهني النظارات، كيف جاءت فكرة تأسيس النقابة؟
بعد تأسيس الجمعية الوطنية لمهني النظارات بتاريخ 29 نونبر 2012 بتيزنيت التي أتشرف برئاستها، التقيت مع بعض الزملاء والأصدقاء من النظاراتيين الدين يكدون ويجتهدون من اجل مصلحة القطاع وتنظيمه، وفكرنا في نقابة كي تساعدنا في تنظيم المهنة.. فالنظاراتيون يمتلكون تجربة في العمل لكن يفتقرون الى الخبرة والتجربة في التنظيم. فالدولة لوحدها لا يمكنها أن تنظم القطاع في غياب أي مساهمة للمهنيين. خصوصا أن الدولة تشجع عمل المجتمع المدني في عدم محطات لاسيما خطاب الملك في 13 غشت 2000 حول تحرك الجمعيات والمجتمع المدني في التنمية… نحن نساهم في تنظيم القطاع لأننا لن نبقى في ممارسة هده المهنة الى الأبد، بل ستأتي أجيال أخرى من المهنيين ينبغي أن ننظم لهم المهنة، وتطويرها وإيجاد مكاسب للمنتسبين إليها من قبيل خلق تعاضدية للنظاراتيين والانخراط في صناديق التقاعد… نحن محرومون حتى من تنظيم معرض للتعريف بمهنة النظاراتي، لأن نقابة المبصاريين تحتكر المجال وتنظم معارض تجني من ورائها أموالا طائلة من الشركات، نحن “محكرون” وهدا ما دفعنا الى تأسيس نقابة تدافع عن مهنتنا…
تميز المؤتمر بحضور نظاراتيين من مختلف المدن المغربية من طنجة الى الكوية، حضر ممثلون من الصحراء وافني فاس، مكناس، القنيطرة، الجديدة، مراكش، اكادير، انزكان، تارودانت، تيزنيت… مرت أجواء المؤتمر في ظروف حسنة. لقد أحس المهنيون بأن فجرا جديدا حل عليهم، فالمهني ما أن يفتح محله حتى يحل عليه القائد ويقول له أنت لا تتوفر على دبلوم… الناس تحرروا وأصبحوا يعرفون أن لهم حقوق يكفلها القانون، لأن تنظيم القطاع يصب في مصلحة الدولة والمهنيين على حد سواء. اتفقنا نحن 17 عضوا مؤسسا على الانضمام الى مكتب النقابة وتم انتخابي بالإجماع أمينا عاما للنقابة بحكم اني قيدوم النظاراتيين وصاحب عدة مبادرات لتنظيم القطاع، وتأهيل المهنيين في المدارس الحرة كي يحصلوا على دبلومات في شعبة تقني النظارات..
لمادا اخترتم الانضمام الى المنظمة الديمقراطية للشغل وليس أي نقابة أخرى؟
توجهنا الى المنظمة الديمقراطية للشغل ODT لأن المنظمة تضم مناضلين يدافعون عن المهنيين، لم نجد أي باب مفتوح سوى باب المنظمة الديمقراطية للشغل.. لقد وجدنا نقابة تحتضننا واستحسنت فكرة تأسيس نقابة للنظاراتيين.
ما هي ابرز المشاكل التي تواجه تواجه قطاع النظاراتيين؟
يعاني القطاع من مشاكل لا حصر لها، مثلا الناس الدين يتحدثون عن قطاع النظارات لا هم لهم سواء منع التعاضديات من التعامل مع مهنيي النظارات، بدعوى أن الممارسين يفتقدون الى تخصص مبصاري l’optométrie وتكوين لمدة 3 سنوات.. يجب أن يمنعوا من التعامل مع تعاضديات الموظفين العموميين. نحن لا يمكن أن نسمح بمنع التعاضديات من التعامل مع النظاراتيين فمعظم زبنائنا من الموظفين، لا يمكننا أن نتقاعس في الدفاع عن حقوقنا… بعض الشركات الأجنبية ترفض التعامل مع النظاراتيين في بيع الزجاج، بدعوى عدم امتلاك دبلوم opticien optométrie بل إن بعض أرباب الشركات يقبل بيع الزجاج لكن بطريقة “النوار” أي بدون تقديم أي فاتورة، ونحن قررنا مقاطعة تلك الشركات التي ترفض تقديم الفواتير للمهنيين، نحن لدينا محاسبة ونخضع للمراقبة والتفتيش، لا يمكن أن نتزود من شركات تتعامل بالنوار.. هناك ثلاث أو أربع شركات محسوبة على المبصاريين يفرضون على النظاراتيين التعامل ب”النوار”، بدعوى أنهم لا تتوفرون على دبلوم.. كما يتم تحريض أطباء العيون من طرف نقابة المبصاريين على عدم التعامل مع النظارتيين لأنهم غير حاصلين على دبلوم، وللأسف يتجاوب معهم بعض الأطباء الدين يلهثون وراء المال، فطبيب العيون بتيزنيت لن تجد عنده سوى ثلاث بطاقات تعريف لأشخاص معروفين… ونفس الشيء باكادير، فالطبيب يفرض على الزبون التوجه نحو محلات معلومة.
ما هي أولويات مكتب النقابة الديمقراطية لمهني النظارات ؟
لقد وجهنا عدة مراسلات الى عدة مسؤولين منهم وزير الصحة ثم والي اكادير لكن بدون جواب، ولم نتلقى سوى جواب واحد لدى الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني وهو الوحيد الذي رد على مراسلتنا وطلب أن يتوصل ببرنامج النقابة الديمقراطية لمهني النظارات، وهدا البرنامج في طور الانجاز من طرف مكتب النقابة والمنسقين في مختلف الجهات.. كما نشتغل على خلق شراكات مع الجمعيات بتعاون مع شركات بيع الزجاج على تنظيم حملات طبية مجانية في عدة مدن لصنع النظارات لفائدة الفئات المعوزة، وهي مبادرة اجتماعية ستعمم على عدة مناطق بالمغرب. وقعنا اتفاقية مع جمعية أطباء تيزنيت لتنظيم حملات طبية بمساهمة أطباء لمنح نظارات لتلاميذ المدارس، لأن الجمعية الوطنية لمهني النظارات تأسست في تيزنيت لدلك كانت البداية من تيزنيت وسيتولى المنسقين التحضير للحملات الطبية في مناطقهم، ففي كل سنة سننظم حملة في مدينة معينة.
ما هي مطالب النظاراتيين من الحكومة؟
النظاراتيين الدين يمارسون عملهم مند عدة سنوات يجب أن يستفيدوا من تكوينات مناسبة ويحصلوا على دبلومات من مدارس خاصة، ثم تراخيص لدى الأمانة العامة للحكومة والاعتراف بمهنة نظاراتي كمهنة حرة من طرف الدولة. ادا كان المبصاري المبتدء ينجز 60 نظارة فإن النظاراتيين القدماء أنجزوا حوالي 3 ملايين نظارة وهي مسألة ليست سهلة..
كلمة أخيرة
أشكر جريدة “أخبار الجنوب” على الاستضافة، نحن نريد إيصال رسالتنا الى المسؤولين، لأن النظاراتيين يريدون رد الاعتبار الى مهنتهم. نحن نسعى لتنظيم مهني النظارات من خلال تأسيس إطارات جمعوية ونقابية وهي أول مبادرة في المغرب في هدا المجال…فالمهنيين لا يمكن أن ينتظروا الى الأبد متى تتدخل الدولة لتنظيم قطاع النظارات…
أخر الأخبار
- الثقافة الأمازيغيةالرباط تحتفي بدور عموري مبارك في عصرنة الأغنية الأمازيغية
- مع الراهنمجلة “زيك ماغزين” تخصص عددها الجديد للغة الأم
- مع الراهنعدد جديد من “زيك ماغزين” ينتظركم في الأكشاك
- مع الراهناكادير: الدورة 15 لمهرجان الفيلم الامازيغي من 11 الى 15 شتنبر
- مع الراهنتافروات: هجرة السوسيين في الدراسات والإنتاج الثقافي
- مرئياتيوبا: Aws i g’mak
- مع الراهنتافروات: “الهجرة” موضوع الجامعة القروية محمد خير الدين
- مرئياتمحسن أجبابدي يروي ذكرياته عن تيزنيت
- مع الراهنأكادير: المرأة والهجرة” شعار النسخة الثانية من مهرجان “إيمينيك”
- مع الراهنطانطان: الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة وادنون للصحافة
اضف تعليق